بسم الله الرحمن الرحيم
بدأ المؤلف بذلك اقتداء بالأئمة ، منهم الشافعي ، لأن آكد أركان الدين بعد الشهادتين الصلاة ، ولا بد لها من الطهارة ، لأنها شرط طاعة متقدم على المشروط ، وهي تكون بالماء والتراب ، والماء هو الأصل ، وبدءوا بربع العبادات اهتماما بالأمور الدينية فقدموها على الدنيوية ، وقدموا ربع المعاملات على النكاح وما يتعلق به ، لأن سبب المعاملات وهو الأكل والشرب ونحوهما ضروري يستوي فيه الكبير ، والصغير ، وشهوته مقدمة على شهوة النكاح ، وقدموا النكاح على الجنايات والمخاصمات ، لأن وقوع ذلك في الغالب إنما هو بعد الفراغ من شهوة البطن والفرج ، وهذه مناسبة حسنة ذكرها المتولي في تتمته . ، ثم اعلم أن تعريف المركب متوقف على معرفة كل من مفرديه ، فالكتاب والكتب مصدران : صرح به جماعة ، وكتب يدور معناها على الجمع يقال : كتبت البغلة ، إذا جمعت بين شفريها بحلقة أو سير ، قالسالم بن دارة :
لا تأمنن فزاريا خلوت به على قلوصك واكتبها بأسيار
أي : واجمع بين شفريها بحلقة أو سير ، والقلوص في الإبل بمنزلة الجارية في الناس ، وتكتبت بنو فلان : إذا اجتمعوا ، ومنه قيل لجماعة الخيل : كتيبة ، والكتابة بالقلم كتابة ، لاجتماع الكلمات والحروف ، وقول من قال : إن [ ص: 30 ] الكتاب مشتق من الكتب عجيب ، لأن المصدر لا يشتق من مثله ، وجوابه أن المصدر أطلق وأريد به اسم المفعول وهو المكتوب ، كقولهم : ثوب نسج اليمن ، أي : منسوجه ، فكأنه قيل : المكتوب للطهارة ، والمكتوب للصلاة ونحوها ، أو أن المراد به الاشتقاق الأكبر ، وهو اشتقاق الشيء مما يناسبه مطلقا كالبيع مشتق من الباع ، وهي بالمثلثة عبارة عن الرمل المجتمع ، وهو خبر لمبتدأ محذوف تقديره هذا .
وأما الطهارة : فمصدر طهر يطهر بضم الهاء فيهما كالضخامة ، وهو فعل لازم لا يتعدى إلا بالتضعيف ، فيقال : طهر ، وقد تفتح الهاء من " طهر " فيكون مصدره طهرا دون طهارة كحكم حكما ، وأما فعالة فلم يأت مصدرا لفعل ، ومعناها لغة : النظافة والنزاهة عن الأقذار ، ومادة " ن ز ه " ترجع إلى البعد ، وفي الصحيح عن ابن عباس : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا دخل على مريض قال : لا بأس طهور إن شاء الله أي : مطهر من الذنوب ، وهي أقذار معنوية ، وشرعا : رفع ما يمنع الصلاة من حدث أو نجاسة بالماء ، أو رفع حكمه بالتراب ، ذكره في " المغني " و " الشرح " وأورد عليه عكسه الحجر ، وما في معناه في الاستجمار ، ودلك النعل ، وذيل المرأة على قول ، والأغسال المستحبة ، والتجديد ، والغسلة الثانية والثالثة ، فإنها طهارة شرعية ، ولا تمنع الصلاة ، ثم يحتاج إلى تقييدهما بكونهما طهورين ، وأجيب عن الأغسال المستحبة وما في معناه بأن ذلك مجاز لمشابهته الرافع في الصورة ، زاد ابن أبي الفتح : وما في [ ص: 31 ] معناه ، ورد بأنه مع ما فيه من الإجمال يوهم أن ( من حدث أو نجاسة ) بيان لما في معناه ، وليس كذلك ، وإنما هو لبيان ما يمنع الصلاة ، وفي " الوجيز " : استعمال الطهور في محل التطهير على الوجه المشروع ، ورد بأن فيه زيادة مع أنه حد للتطهير لا للطهارة ، فهو غير مطابق للمحدود .
وفي شرح الهداية : خلو المحل عما هو مستقذر شرعا ، وهو إما حسي ، ويسمى نجاسة ، وإما حكمي ، ويسمى حدثا ، فالتطهير إخلاء المحل من الأقذار الشرعية ، وفي ابن المنجا : استعمال الماء الطهور أو بدله في أعضاء مخصوصة على وجه مخصوص ، ورد بأنه قاصر ، وبأن الطهارة قد توجد حيث لا فعل بالكلية ، كالخمرة إذا انقلبت بنفسها خلا ، والأولى : أنها رفع الحدث ، وإزالة النجس ، وما في معنى ذلك ، لأن الشرع لم يرد باستعماله إلا فيهما ، فعند إطلاق لفظ الطهارة في كلام الشارع ، إنما ينصرف إلى الموضوع الشرعي ، وكذا كل ما له موضوع شرعي ولغوي كالصلاة ، فكتاب الطهارة : هو الجامع لأحكام الطهارة من بيان ما يتطهر به ، وما يتطهر له ، وما يجب أن يتطهر منه إلى غير ذلك .
بدأ المؤلف بذلك اقتداء بالأئمة ، منهم الشافعي ، لأن آكد أركان الدين بعد الشهادتين الصلاة ، ولا بد لها من الطهارة ، لأنها شرط طاعة متقدم على المشروط ، وهي تكون بالماء والتراب ، والماء هو الأصل ، وبدءوا بربع العبادات اهتماما بالأمور الدينية فقدموها على الدنيوية ، وقدموا ربع المعاملات على النكاح وما يتعلق به ، لأن سبب المعاملات وهو الأكل والشرب ونحوهما ضروري يستوي فيه الكبير ، والصغير ، وشهوته مقدمة على شهوة النكاح ، وقدموا النكاح على الجنايات والمخاصمات ، لأن وقوع ذلك في الغالب إنما هو بعد الفراغ من شهوة البطن والفرج ، وهذه مناسبة حسنة ذكرها المتولي في تتمته . ، ثم اعلم أن تعريف المركب متوقف على معرفة كل من مفرديه ، فالكتاب والكتب مصدران : صرح به جماعة ، وكتب يدور معناها على الجمع يقال : كتبت البغلة ، إذا جمعت بين شفريها بحلقة أو سير ، قالسالم بن دارة :
لا تأمنن فزاريا خلوت به على قلوصك واكتبها بأسيار
أي : واجمع بين شفريها بحلقة أو سير ، والقلوص في الإبل بمنزلة الجارية في الناس ، وتكتبت بنو فلان : إذا اجتمعوا ، ومنه قيل لجماعة الخيل : كتيبة ، والكتابة بالقلم كتابة ، لاجتماع الكلمات والحروف ، وقول من قال : إن [ ص: 30 ] الكتاب مشتق من الكتب عجيب ، لأن المصدر لا يشتق من مثله ، وجوابه أن المصدر أطلق وأريد به اسم المفعول وهو المكتوب ، كقولهم : ثوب نسج اليمن ، أي : منسوجه ، فكأنه قيل : المكتوب للطهارة ، والمكتوب للصلاة ونحوها ، أو أن المراد به الاشتقاق الأكبر ، وهو اشتقاق الشيء مما يناسبه مطلقا كالبيع مشتق من الباع ، وهي بالمثلثة عبارة عن الرمل المجتمع ، وهو خبر لمبتدأ محذوف تقديره هذا .
وأما الطهارة : فمصدر طهر يطهر بضم الهاء فيهما كالضخامة ، وهو فعل لازم لا يتعدى إلا بالتضعيف ، فيقال : طهر ، وقد تفتح الهاء من " طهر " فيكون مصدره طهرا دون طهارة كحكم حكما ، وأما فعالة فلم يأت مصدرا لفعل ، ومعناها لغة : النظافة والنزاهة عن الأقذار ، ومادة " ن ز ه " ترجع إلى البعد ، وفي الصحيح عن ابن عباس : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا دخل على مريض قال : لا بأس طهور إن شاء الله أي : مطهر من الذنوب ، وهي أقذار معنوية ، وشرعا : رفع ما يمنع الصلاة من حدث أو نجاسة بالماء ، أو رفع حكمه بالتراب ، ذكره في " المغني " و " الشرح " وأورد عليه عكسه الحجر ، وما في معناه في الاستجمار ، ودلك النعل ، وذيل المرأة على قول ، والأغسال المستحبة ، والتجديد ، والغسلة الثانية والثالثة ، فإنها طهارة شرعية ، ولا تمنع الصلاة ، ثم يحتاج إلى تقييدهما بكونهما طهورين ، وأجيب عن الأغسال المستحبة وما في معناه بأن ذلك مجاز لمشابهته الرافع في الصورة ، زاد ابن أبي الفتح : وما في [ ص: 31 ] معناه ، ورد بأنه مع ما فيه من الإجمال يوهم أن ( من حدث أو نجاسة ) بيان لما في معناه ، وليس كذلك ، وإنما هو لبيان ما يمنع الصلاة ، وفي " الوجيز " : استعمال الطهور في محل التطهير على الوجه المشروع ، ورد بأن فيه زيادة مع أنه حد للتطهير لا للطهارة ، فهو غير مطابق للمحدود .
وفي شرح الهداية : خلو المحل عما هو مستقذر شرعا ، وهو إما حسي ، ويسمى نجاسة ، وإما حكمي ، ويسمى حدثا ، فالتطهير إخلاء المحل من الأقذار الشرعية ، وفي ابن المنجا : استعمال الماء الطهور أو بدله في أعضاء مخصوصة على وجه مخصوص ، ورد بأنه قاصر ، وبأن الطهارة قد توجد حيث لا فعل بالكلية ، كالخمرة إذا انقلبت بنفسها خلا ، والأولى : أنها رفع الحدث ، وإزالة النجس ، وما في معنى ذلك ، لأن الشرع لم يرد باستعماله إلا فيهما ، فعند إطلاق لفظ الطهارة في كلام الشارع ، إنما ينصرف إلى الموضوع الشرعي ، وكذا كل ما له موضوع شرعي ولغوي كالصلاة ، فكتاب الطهارة : هو الجامع لأحكام الطهارة من بيان ما يتطهر به ، وما يتطهر له ، وما يجب أن يتطهر منه إلى غير ذلك .